اليوم تذكّرنا أشخاص كثيرين ومنهم القديس شربل.. ومنهم مَن لا نعرفهم ومنهم مَن لم يُعلَن عنهُم.. فلهذا نتذكّرهم كلهّم اليوم بعيد جميـع القدّيسين.. وصلوا للقداسة لأنّهم عاشوا الأمانة لله ولإرادته من خلال أعمالهم... ووصلوا لأنهم عاشوا الصدق بالالتزام بعيشهم لمسيحيتهم، لمعموديتهم؛ لم يواربوا بل كانوا بسطاء.
"الكنيسـة سـرّ الخـلاص"
- أصل سرياني أو آرامي ( كنوشتو).. فعل (كَنِشْ) يعني جمع.. جماعة، مجموعة ناس.. لكن أكثر من مجموعة ناس " مع بعضها " .. نحن نعمل جماعة، وفعل (كَنِشْ) يحوي نوع من عيش المعيّة المع Etre avecهكذا تغيّر كل مفهوم الجماعة صار لها عمق, والترابط بالروح القدس والتداخل؛ بالإضافة إلى التفاعل بالمحبة التي يزرعها الروح .. ليست المصالح تجمعنا بل روح الله... هو قادر أن يجمع ما تعجز كل البشريّة عن جمعه.. فالروح يخرق ويزرع بذرة المحبة التي تنمو كل يوم... ويبقى علينا أن نسهر عليها لتَنموَ وتَكبُر...
Ecclesiaec kaleo تعني دعا ونادى ومعنى كل الكلمة، نادى – من – إلى. بمعنى ننادي أحدهم من أجل أن يترك مكانه ويأتي إلى هنا لعمل شيء سوية، نداء :
الكلمة الثانية في موضوعنا هي سـرّ :
Secret ثاني معنى سرّ الذي منه نتعلم الأسرار السبعة وهو بالفرنسي Sacrement والمعنى الثالث هو حقيقة كبيرة جداً بقدر ما نتعمّق بها نكتشف أبعادها.. انّه البر العميق على عكس ال Secretالكلمة الثالثة في موضوعنا هي الخـلاص :
الله عَبَرَ نحوَََ الإنسان أول مرة بالخلق.. ورجع الله عبر نحو الإنسان بالفداء لما مات وقام من أجله. الخلاص هو العبور، الفصح، ويعني العبور من الخطيّة إلى النعمة، من البعد إلى القرب مع الله.
الموضوع اليوم يُقَسَّم إلى 4 نقاط..
1- الكنيسة علامة الإتحاد بيسوع.. الرمز الخارجي اي الجماعة تُظهر ان هناك إتحاد بيسوع عندما تكون مع بعضها البعض.
"كنيسة واحدة جامعة مقدّسة "، كنيسة مقدّسة لأنها علامة الإتحاد بيسوع.. يقول القديس بولس إنّ يسوع أحبّ الكنيسة وطهّرها بدمِهِ ونقّاها.. وإتّخذها عروساً.. عروس المسيح وجسد المسيح.. فالجسد يعني أنها لوحدها منفصلة عن يسوع وبنفس الوقت لأنها عروس المسيح هي متّحدة بيسوع. باللاهوت نشغل إيماننا مع فكرنا.. نقول بالزواج إن العروس والعريس يصيران جسداً واحداً، والكنيسة؛ يسوع أخذها له عروساً يعني توحّد فيها وصارا جسداً واجداً، يعني الإتحاد صار اتحاداً روحياً.. وتبقى الكنيسة محافظة على كيانها البشري، أي ضعفها ونواقصها ولكن المسيح خطبها واتحدت به إتّحاداً روحياً معنوياً فعلينا أن نسعى للمحافظة عليه..
2 - إنها علامة اللقاء بيسوع..
هو أرسل الرُسل .. تلمَذوا وبشّروا وعمّدوا.. كل ما في الكنيسة دليل على يسوع. الأسرار، التعليم، المحبة الأخوية، اللقاءات، كل نشاطاتنا ستدل على يسوع.. نحن مؤتمنين على رسالة.. الكنيسة علامة يسوع الحاضر الفاعل الذي يُنعم علينا بالعطايا... هو الخير الأعظم الذي يضع الخير بحياتنا ويجعلنا نعطي مثله... يسوع يُعطينا لنعطي... لنكون علامة من خلال عملنا وحضورنا... أن الله حيّ في ألأشخاص... حيّ فينا... " لست أنا الحيّ بل المسيح حيّ فيَّ"... ونحن بخدمتنا للآخر الله يرسلنا وهو حاضر فينا..
أ) هل أنا احترم الإنسان فيَّ وبغيري وكأنه علامة لحضور الله ؟
بمعنى إذا أنا أو إي احد تعرّض لمصيبة هل أرى فيها كارثة أو الله يناديني لشيء.. هل أقرأ علامات حضور الله؟..
كلنّا قادرين بعمل صغير أن نجعل الله حاضراً..
نسمّيها جامعة.. الإتحاد فيما بيننا.. هكذا يقول المجمع الفاتيكاني الثاني.. " علامة وأداة الوحدة بين أفراد الجنس البشري".. الكنيسة لا تتوقف عند عرق أو لون أو عنصريّة، ليست مخصّصة لأحد، هي للكل..
"أتُحِبّني.. اجمع خرافي.."
ونحن لما نطلع من أنانياتنا، نجمع، البغض والمصلحة تفرّق، وكل ما يدل على التكبّر يفرق... وما يجمع هو الحب المسامحة الحوار والإصغاء.. مهم جدّاً أن نسمع لبعضنا البعض... وبالإصغاء لإلهامات الروح تقوى الجماعة وتكون علامة وحدة بين البشر...
- كيف أقبل من هوَ متغيّر عنّي؟.
كيف أكون واسعاً على قدر قامة المسيح؟.
مَثَل تلميذي عِماوس.. لم يعرفاه إلاّ عند كسر الخبز.. ولما غاب عنهما دخل قلبيهما وتغيّرت كل حياتهما.. يسوع ينادينا وهذه الكنيسة تعطيني علامة لحضوره الخفي الدائم كما فعل عندما غاب عن أعينهما لما عرفاه عند كسر الخبز. الكنيسة هي علامة حضور يسوع المسيح الدائم، هي تُعَرِّفنا على يسوع الذي يُصغي إلى أسئلتنا، يسمع لنا ويسمح لنا أن نسأله، ننتقده، نلومه، ننتفض أمامه.. عندما نؤمن بالله يمشي معنا بتواضع.. و نعيش معه صادقين، نشهد له هو دائماً معنا يسمع لنا ويلهمنا بما نعمل..
يسوع هو سرّ الآب علامة حضور الله..
ونحن علامة للآب ويسوع المسيح والكنيسة من خلال حياتنا..
كيف نكون علامة للمسيح ( ليس هيئة بل رونق ) ..
آميـــــن.